ما حكم البكاء بدون خوف مع الدليل؟ عند حدوث المصائب أو عندما يقع الإنسان في مصيبة وضيق فإنه يحزن ويبكي مهما كانت قوته أو حدته، ولكن تختلف درجة البكاء من شخص لآخر. فمنهم من يبكي بشدة، ومنهم من يبكي، ومنهم من يبكي خشوعاً، فينتبه. موقع مرجعي ببيان الحكم الشرعي من وجهة نظر الشريعة الإسلامية في البكاء والخوف.
الفرق بين الجزع والبكاء
وقبل أن ندخل في بيان ماهية القول في البكاء بدون جزع، مع الأدلة، لا بد من توضيح الفرق بين الجزع والبكاء. البكاء هو نتيجة التدفق الصامت للدموع من العيون، ويصاحب ذلك محاولة الإنسان حبس الألم في القلب وإخفاءه، بينما هناك جزع عند بكاء الإنسان. يفضح ما في قلبه من ألم دون أن يحترم حضور الآخرين، ويصاحب الفزع الصراخ واللطم على الخدود. وكذلك النحيب وأحياناً تمزيق الثياب، ومن ثم يصاحبه عتاب الإنسان للخالق عز وجل، وكأن الإنسان يقول: “يا رب، ألست عبدك الذي أعبده، لماذا تفعل؟ هذا؟ لي؟” والإسلام يرى أن هذا النوع من البكاء لا يجوز، بل ويعتبر من كبائر الذنوب التي يمكن أن تخرج مرتكبها من دين الدين الحنيف، والله ورسوله أعلم.
أنظر أيضا: بيان المولد النبوي بالحركات الأربع
ما حكم البكاء بدون خوف مع الدليل؟
والحديث عن البكاء دون فزع هو: المسموح به والمشروع، إذا أصابت المسلم مصيبة اعتبر الأمر أمر خالقه سبحانه، ولا يضره بكاؤه بعد ذلك، ما لم يرفع صوته أو يشتكي، والدليل على ذلك: ما جاء في سيرة سيد الخلق وخاتم المرسلين سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم. ولما مات ابنه إبراهيم، جاء في الحديث عن محمود بن لبيد الأنصاري – رضي الله عنه – أنه قال:وأظلمت الشمس يوم مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وامتلأت عيناه بالدموع. قالوا: يا رسول الله، أنت تبكي وأنت رسول الله، قال: «إنما أنا رجل دمعت عينه، وخشع قلبه». ولا نقول شيئا يغضب الرب. والله يا إبراهيم إنا فيك لمحزونون».“.(1) وكذلك في حديث صحيح آخر عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا الشيء بالذات – وأشار إلى لسانه – أو يرحم.“.(2) فلا بأس بالبكاء من غير خوف، والله ورسوله أعلم.(3)
أنظر أيضا: تمت كتابة قصة المولد النبوي
بيان الحداد والرثاء في الإسلام
أما حكم البكاء والنحيب في الإسلام فلا يجوز مطلقاً، وقد وردت في ذلك أحاديث نبوية شريفة كثيرة في النهي عن ذلك، منها:
- عن أبي مالك الأشعري – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:أربعة في أمتي بواسطة قائد الجهل, لا يتركونهم وراءهم: فخور في الحساب, والطعن في علم الأنساب, والاستسقاء مع النجوم, والأنين قال: إذا لم تتب الحزينة قبل موتها تبعث يوم القيامة وعليها ثوب. بواسطة القطران والدروع بواسطة محاولة“.(4)
- وعن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:ميت يتعرض للتعذيب في قبرة مع ماذا نعيق! علية“.(5)
أنظر أيضا: خطبة جمعة مكتوبة عن بدعة المولد النبوي
أقوال القساوسة والعلماء عن الخوف
وبعد بيان القول في البكاء بلا خوف، مع الأدلة، لا بد من ذكر أقوال القساوسة والعلماء في الخوف:(6)
- يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «إن صبرتم؛ يقع عليك القلم ولك الأجر ولو جزعت؛ لقد وقع عليك القلم وتكذب عليك».
- وكما قال الحسن: «لما حضر سلمان الموت بكى، فقيل له: ما يبكيك يا أبا عبد الله إن كنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال لا أبكي حزنا على العالم بل قطع معنا عهدا وتركنا عهده. وقطع معنا عهدا أن يكون بلغة واحدة. أحدنا من الدنيا كزاد الراكب. فلما مات نظر فيما ترك فوجد أن قيمته ثلاثون درهما.
- وقال عبيد بن عمير أيضاً: “ليس الخوف ما تدمع العين ويحزن القلب، ولكن الخوف: الكلام الخبيث والأفكار الشريرة.”
- الماوردي : «من خاف الله عز وجل صبر على طاعته، ومن خاف عقابه حفظ وصاياه».
- الجاحظ: “هذه الشخصية – أي الخوف – مصنوعة من الخرق والجبن، وهو قبيح إذا لم يكن نافعاً ولا نافعاً».
أنظر أيضا: قرار بإبعاد الرجل من مقعده
أنواع البكاء
وكذلك الخوض في بيان ماهية القول في البكاء بلا خوف، بالأدلة، يقتضي الخوض في ذكر أنواع البكاء، فإن البكاء انكسار في القلب، وحنان في النفس. أما الخوف أو الرغبة أو الحزن أو الرحمة أو ما أشبه ذلك من أسباب البكاء فقد أوضح أن البكاء عشرة أنواع، وذكرها في كتاب زاد المعاد، ونذكرها كما يلي: كما وردت في الكتاب:(7)
- البكاء من الخوف والقلق.
- صرخة حنان ورحمة.
- البكاء شوقاً وحباً.
- البكاء من السعادة والفرح.
- صرخات الإنذار عندما يكون سبب البكاء غير محتمل.
- البكاء حزناً على شيء مضى.
- البكاء مع الضعف والتقلص.
- صراخ النفاق.
- و بكاء المجاز كبكاء المرأة الحزينة.
- صرخة الموافقة.
ما حكم البكاء بدون خوف مع الدليل؟ مقال ذكر الفرق بين البكاء والحزن، بالإضافة إلى اللفظ الشرعي لكل منهما. كما ذكر المقال أقوال السلف والعلماء في الحزن، وأخيراً ذكر أنواع البكاء كما صنفها الإمام ابن كثير. القيم رحمه الله.
المراجع
- السلسلة الصحيحة الألباني/محمود بن لبيد الأنصاري/4/310/سنده صحيح رجاله ثقات
- السنن الكبرى للبيهقي ، البيهقي / عبد الله بن عمر / 4/71 / ثابت .
- binbaz.org.sa، بيان البكاء عند الطوارئ والتحذير من الأنين 29/09/2025
- صحيح مسلم، مسلم/أبو مالك الأشعري/934/صحيح
- صحيح مسلم، مسلم/عمر بن الخطاب/927/صحيح
- دولار.نت, أقوال القساوسة والعلماء عن الخوف 29/09/2025
- مملة.نت, أنواع البكاء والرثاء لابن القيم 29/09/2025
(وسومللترجمة)الخوف في أقوال السلف الصالح